يَا رَبَّنَا بِجَاهِ تَاجِ الْعَارِفِيْنَ ï وَجَاهِ حَامِلِ لِوَاءِ الْوَاصِلِيْنَ

Ya Allah, Ya Tuhan kami dengan pangkat kebesaran pemilik mahkota ahli ma'rifah dan pangkat pemegang bendera kelompok manusia yang telah wushul (sampai ke puncak keyakinan)


قُدْوَتِنَا وَشَيْخِنَا التِّجَانِي ï قَائِدِنَا لِمَنْهَجِ الْعَدْنَانِي

Panutan dan guru kami yakni Syekh Ahmad Tijani, seorang pemandu yang menyampaikan kami kepada tuntunan Nabi Muhammad

يَا رَبِّ ثَبِّتْنَا عَلَى اْلإِيْمَانِ ï وَاحْفَظْ قُلُوْبَنَا مِنَ الْكُفْرَانِ

Ya Tuhanku tetapkan kami atas iman dan jaga hati kami dari segala bentuk kekufuran

وَاحْمِ جَمِيْعَنَا مِنَ الشَّيْطَانِ ï وَحِزْبِهِ مِنْ إِنْسٍ أَوْ مِنْ جَانِّ

Lindungi kami dari kejahatan syetan dan kelompoknya dari bangsa manusia dan jin


نَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيْقَ ï وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ وَالتَّحْقِيْقَ

Kami mohon kepada-Mu taubat dan mendapat kekuatan untuk melakukan kebaikan, ilmu dan pengamalan serta ketepatan dalam segala hal


وَالصَّبْرَ وَالنَّصْرَ عَلَى اْلأَعْدَاءِ ï وَالْجَمْعَ فِي الذِّكْرِ عَلَى الْوِلاَءِ

Berikan kami kesabaran dan kemenangan atas musuh-musuh. Dan jadikan kami selalu berkumpul bersama dalam melakukan dzikir


وَالْفَوْزَ بِالنَّعِيْمِ فِي الْجِنَانِ ï مَعَ النَّبِيّ وَشَيْخِنَا التِّجَانِي

Mendapat kesuksesan dengan mendapat ni'mat di surga bersama Nabi Muhammad dan guru kami Syekh Ahmad Tijani


مَا لَنَا فِي الْكَوْنِ سِوَى الرَّحْمَانِ ï وَالْمُصْطَفَى وَشَيْخِنَا التِّجَانِي

Kami tidak memiliki harapan apa-apa di alam ini melainkan kepada-Mu Ya Allah (Yang Maha Pengasih), manusia terpilih Nabi Muhammad dan guru kami Syekh Ahmad Tijani

هَذِي هَدِيَّةٌ بِفَضْلِ اللهِ ï مِنَّا إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ

Dzikir ini merupakan hadiah untukmu Ya Rasulullah dari kami yang semata-mata merupakan pemberian Allah


هَدِيَّةً لِلْمُصْطَفَى الْعَدْنَانِي ï نِيَابَةً عَنْ شَيْخِنَا التِّجَانِي

Hadiah penghormatan buat manusia terpilih Nabi Muhammad keturunan Adnan juga sebagai mandate dari guru kami syekh Ahmad Tijani

آميْنَ آميْنَ اسْتَجِبْ دُعَانَا ï وَلاَ تُخَيِّبْ سَيِّدِي رَجَانَا

Terimalah, terimalah dan kabulkan Ya Allah, doa-doa kami. Jangan Kau kecewakan segala harapan kami

Doa ini merupakan Qashidah tawassul kepada Syekh Ahmad Tijani Radhiyallahu Anhu. qashidah ini biasanya dibaca setelah selesai membaca wirid lazimah dan wazhifah.

Dikutip dari kitab Ghayatul Muna Wal Murad Fima Littijaniy Minal Aurad halaman 27.

Senin, 24 Desember 2012

جمْعُ الجوامع الـمـُصنفات




جمْعُ الجوامع
الـمـُصنفات



جـمعها و رتبها الفقير
نورعلي أحـمد البتاوي
عفى الله عنه وعن والديه والـمسلمين
آمين




الجزء الثالث



بِسْمِ اللهِ الرَّحْـمَنِ الرَّحِيْمِ

       الـحمد لله الذي بتحميده يستفتح كل كتاب. وبذكره يصدر كل خطاب. وبـحمده يتنعم أهل النعيم فـي دار الـخلود والثواب. فله الـحمد علـى ما أولـى وأسدى. وله الشكر على ما أنعم وأعطى. وأوضح الـحجة وهدى. وصلواته على صفيه ورسوله الذي به من الضلالة هَدى. مـحمد وآله وأصحابه وإخوانه الـمسلمين والـملائكة الـمقربين وسلم تسليما. أللّهمّ صلّ على سيّدنا مـحمّدٍ الفاتح لـما أغلق. والـخـاتـم لـما سبق. ناصر الـحقّ بالـحقّ. والـهادي إلـى صراطك الـمستقيم. وعلى أله حقّ قدره ومقداره العظيم. أما بعد : فعند ما قرأتُ وطلعت ما فـي كتب الـمشايخ الأجلاء والأئمة الأعزاء. فوجدت فيها فوائد العلوم وجواهر الأحكام. وأردت أن أجـمع ما فيها من تقييدات مبعثرات متفرقات. واخترت منها الفوائد الـجليلة والفضائل العظيمة على ما فيها من أقوال العلماء والـحكماء. ثم إني أرجو لكل من رأى فـي هذه التقييدات خللا أن يـحبرها بالـحسنة  كما قال تعالـى : إن الـحسنات يذهبن السيئات. ولا يكون من الذين لا يصلحون. والله الكريم أسأل أن يـجعلها ذخيرة عملي يوم الـمعاد ويتقبلها بقبول حسن وينبتها بعدي نباتا حسنا وينفع بها كل قارئ ومطالع مثلي. فالله على ما أقول وكيل وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. وصلى الله على سيدنا مـحمد وعلى آله وصحبه وسلم. والـحمد لله رب العالـمين .

جاكرتا  :   17  شعبان  1429 هــ
 

بسم الله الرحـمن الرحيم

عن عبد الله بن عمر أنه سـمع نبـي الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن آدم عليه السلام لـما أهبطه الله إلـى الأرض قالت الـملائكة أي ربنا أتـجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونـحن نسبح بـحمدك ونقدس لك ؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون ( البقرة : 30 ) قالوا ربنا نـحن أطوع لك من بنـي آدم قال الله تعالـى للملائكة هلموا ملكين من الـملائكة حتى نهبطهما إلـى الأرض فتنظروا كيف يعملان. قالوا ربنا هاروت وماروت فأهبطا إلـى الأرض ومثلت لـهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها قالت لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك فقالا لا والله لا نشرك بالله شيئا أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبـي تـحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تقتلا هذا الصبـي فقالا لا والله لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح خـمر تـحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تشربا هذا الـخمر فشربا حتى سكرا فوقعا عليها وقتلا الصبـي فلما أفاقا قالت الـمرأة والله ما تركتما شيئا مـما أبيتماه إلا فعلتماه حين سكرتـما فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا. عن معاذ قال لـما أن أفاقا جاءهـما جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل وهـما يبكيان فبكى معهما وقال لـهما ما هذه البلية التـي أجحف بكما بلاؤها وشقاؤها فبكيا إليه فقال لـهما إن ربكما يـخيركما بين عذاب الدنيا وأن تكونا عنده فـي الآخرة فـي مشيئته إن شاء عذبكما وإن شاء رحـمكما وإن شئتما عذاب الآخرة. فعلما أن الدنيا منقطعة وأن الآخرة دائمة وأن الله بعباده رؤوف رحيم فاختارا عذاب الدنيا وأن يكونا فـي الـمشيئة عند الله. قال فهما ببابل فارس معلقين بين جبلين فـي غار تـحت الأرض يعذبان كل يوم طرفـي النهار إلـى الصيحة ولـما رأت ذلك الـملائكة خفقت بأجنحتها فـي البيت ثم قالوا اللهم اغفر لولد آدم عجبا كيف يعبدون الله ويطيعونه على ما لـهم من الشهوات واللذات.  وقال الكلبـي فاستغفرت الـملائكة بعد ذلك لولد آدم فذلك قوله سبحانه والـملائكة يسبحون بـحمد ربهم ويستغفرون لـمن فـي الأرض ( الشورى : 5 ) قال الربيع بن أنس لـما ذهب عن هاروت وماروت السكر عرفا ما وقعا فيه من الـخطيئة وندما وأرادا أن يصعدا إلـى السماء فلم يستطيعا ولـم يؤذن لـهما فبكيا بكاء طويلا وضاقا لأنه ذرعا بأمرهـما ثم أتيا إدريس عليه السلام وقالا له : ادع لنا ربك فإنا سـمعنا بك تذكر بـخير فـي السماء فدعا لـهما فاستجيب له وخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة. وروي أن الـملائكة لـمـا قالوا لله تبارك وتعالـى : أتـجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ( البقرة : 30 ) طافوا حول العرش أربعة آلاف عام يعتذرون إلـى الله عز وجل من اعتراضهم.  اهــ



فضائل مكة

 

بسم الله الرحـمن الرحيم

قال تعالـى : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالـمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا. وقال تعالـى : وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر. وقال تعالـى : وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتـي للطائفــين والقائمـين والركع السجود. وقال تعالـى : وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتـخذوا من مقام إبراهيم مصلى. وقال تعالـى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسـماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. وقال تعالـى لنبيه إبراهيم عليه السلام : وأذن فـي الناس بالـحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. وقال تعالـى : ربنا إني أسكنت من ذريتـي بواد غير ذي زرع عند بيتك الـمحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. فهذه الآيات أنزلـها الله تعالـى كلها فـي مكة خاصة ولـم ينزلـها لبلد سواها. ثم بعد هذا ما جاء عن النبـي صلى الله عليه وسلم من الأخبار فـي فضائل مكة وفضائل أهلها ومن جاورها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير بلدة على وجه الأرض وأحبها الـى الله تعالـى مكة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دحيت الأرض من مكة فمدها الله تعالـى من تـحتها فسميت أم القرى. وأول جبل وضع فـي الأرض أبو قبيس. وأول من طاف بالبيت الـملائكة قبل أن أصحهما الله تعالـى آدم عليه الصلاة والسلام بألفي عام. وما من ملك يبعثه الله تعالـى من السماء الـى الأرض فـي حاجة الا اغتسل من تـحت العرش وانقض مـحرما فيبدأ ببيت الله تعالـى فيطوف به أسبوعا ثم يصلي خلف الـمقام ركعتين ثم يـمضي لـحاجته. وما بعث اليه وكل نبـي من الانبيآء عليهم الصلاة والسلام اذا كذبه قومه خرج من بين أظهرهم الـى مكة. وما من نبـي هرب من أمته الا هرب الـى مكة فعبد الله تعالـى بها فـي الكعبة حتى أتاه اليقين وهو الـموت. وإن حول الكعبة قبر ثلثمائة نبـي وما بين الركن اليماني والركن الاسود قبر سبعين نبيا كلهم قتلهم الـجوع والقمل وقبر اسـماعيل وأمه هاجر صلى الله وسلم عليهما فـي الـحجر تـحت الـميزاب. وقبر نوح وهود وشعيب وصالـح صلى الله عليه وعليهم وسلم فيما بين زمزم والـمقام. وما على وجه الأرض بلدة وقد اليها جـميع النبيين والـملائكة والـمرسلين أجـمعين وصلاح عباد الله من أهل السموات والأرض والـجن إلا مكة. وما على وجه الأرض بلدة يرفع الله فيها الـحسنة الواحدة غاية ألف حسنة إلا مكة. ومن صلى فيها صلاة رفعت له مائة ألف صلاة. ومن صام فيها كتب له صوم مائة ألف يوم. ومن تصدق فيها بدرهم كتب الله له مائة ألف درهم صدقة. ومن ختم فيها القرآن مرة واحدة كتب الله تعالـى له مائة ألف ختمة. وكل أعمال البر فيها كل واحدة بـمائة ألف. وما أعلم بلدة يـحشر الله تعالـى فيها يوم القيامة من الأنبياء والأصفياء والأتقياء والأبرار والصديقين والشهداء والصالـحين والعلماء والفقهاء والفقراء والـحكماء والزهاد والعباد والنساك والأخيار والأحبار من الرجال والنساء ما يـحشر الله تعالى من مكة. وإنهم يـحشرون وهم آمنون من عذاب الله تعالـى. وليوم واحد فـي حرم الله تعالى وأمنه أرجى لك وأفضل من صيام الدهر كله وقيامه فـي غيرها من البلدان. وقال صلى الله عليه وسلم :  صلاة فـي مسجدي هذا بألف صلاة فيما سواه إلا الـمسجد الـحرام. فإن الصلاة فيه بـمائة الف صلاة فـي غيره وصلاة فـي الـمسجد الأقصى. وما على وجه الأرض بقعة ينزلـها كل يوم من الله تعالـى عشرون ومائة رحـمة ستون للطائفين وأربعون للمصلـين وعشرون للناظرين الـى الكعبة إلا مكة. والنظر الـى الكعبة عبادة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نظر الـى بيت الله  إيـمانا واحتسابا وتصديقا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وحشر يوم القيامة من الآمنين ويـحشر الله تعالـى أهلها يوم القيامة آمنين. وما على وجه الأرض بلدة أبواب الـجنة كلها مفتوحة اليها الا مكة. وإن أبواب الـجنة لثمانية أبواب كلها منفتحة اليها بـمكة الـى يوم القيامة. فباب منها للكعبة وباب منها تـحت الـميزاب وباب منها فـي الركن اليماني وباب منها فـي الركن الاسود وباب منها خلف الـمقام وباب منها فـي زمزم وباب منها على الصفا وباب منها على الـمروة. ولا يدخل الكعبة أحد إلا برحـمة الله ولا يـخرج منها إلا بـمغفرة الله عز وجل. فقال تعالـى ومن دخله كان آمنا أي من النار. وما على وجه الأرض بلدة يستجاب فيها الدعاء فـي خـمسة عشر موضعا إلا مكة أولـها جوف الكعبة الدعاء فيها مستجاب. والدعاء فـي الـحجر الأسود مستجاب. والدعاء فـي الركن اليماني مستجاب. والدعاء فـي الـحجر مستجاب. والدعاء خلف الـمقام مستجاب. والدعاء فـي الـملتزم مستجاب. والدعاء فـي باب بئر زمزم مستجاب. والدعاء على الصفا والـمروة مستجاب. والدعاء بين الصفا والـمروة مستجاب. والدعاء بين الركن والـمقام مستجاب. والدعاء بـمنى مستجاب. والدعاء بعرفات مستجاب. والدعاء فـي الـمشعر الـحرام مستجاب.  اهـ

الإسم الأعظم

بسم الله الرحـمن الرحيم
          وقد سئل الإمام جلال الدين السيوطي عن الاسم الأعظم وما ورد فيه من الأحاديث والآثار والأقوال. فقال :  إن أسـماء الله تعالـى كلها عظيمة لا يـجوز تفضيل بعضها على بعض. ذهب إلـى ذلك قوم منهم أبو جعفر الطبري وأبو الـحسن الأشعري وإبن حبان والقاضي أبو بكر الباقلاني ونـحوهم. وقال ابن حبان : الأعظمية الواردة فـي الأخبار الـمراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك كما أطلق ذلك فـي القرآن. والـمراد به ثواب الداعي والقارىء. وقال غيرهم : إنه مـما استأثر الله بعلمه ولـم يطلع عليه أحداً من خلقه كما قيل بذلك فـي ليلة القدر وفـي ساعة الإجابة وفـي الصلاة الوسطى. وقال غيرهم : إنه كلمة ( هو ) كما قاله الإمام فخر الدين عن بعض أهل الكشف واحتج له بأن من أراد أن يعبر عن كلام عظيم بـحضرته لـم يقل أنت. وإنـما يقول هو تأدبا معه. وقال غيرهم : إنه لفظ الـجلالة ( الله ) لأنه اسم لـم يطلق على غيره ولأنه الأصل فـي الأسـماء الـحسنى ومن ثم أضيفت إليه. قال ابن أبـي حاتـم فـي تفسيره عن جابر بن عبد الله بن زيد أنه قال : اسم الله الأعظم هو الله. ألـم تسمع أنه يقول :  هو الذي لا إله إلا هو عالـم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم.  وقال ابن أبي الدنيا فـي كتاب الدعاء : قال الشعبـي : اسم الله الأعظم  ياالله. وقال غيرهم : إنه ( الرحـمن الرحيم ). قال الـحافظ ابن حجر فـي شرح البخاري : ولعل مستنده ما أخرجه ابن ماجه عن عائشة أنها سألت النبـي صلى الله عليه وسلّم أن يعلمها الاسم الأعظم. فلم يفعل فصلت ودعت اللهم أني أدعوك الله. وأدعوك الرحـمن. وأدعوك الرحيم. وأدعوك بأسـمائك الـحسنى كلها ما علمت منها وما لـم أعلم. وفيه أنه صلى الله عليه وسلّم قال لـها: إنه لفي الأسـماء التـي دعوت بها. اهـ  أقول منه فـي الاستدلال ما أخرجه الـحاكم فـي الـمستدرك وصححه ابن عباس أن عثمان بن عفان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن بسم الله الرحـمن الرحيم فقال : هو إسم من أسـماء الله تعالـى وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العين وبياضها من القرب. وقال ابن عباس مرفوعاً : اسم الله الأعظم فـي ست آيات من آخر سورة الـحشر. وقال غيرهم : إنه ( الـحي القيوم ) لـحديث ابن ماجه والـحاكم عن أبـي أمامة رضي الله تعالـى عنه رفعه : الاسم الأعظم فـي ثلاث سور :  البقرة وآل عمران وطه. قال القاسم الراوي عن أبـي أمامة : التمسته فيها فعرفت أنه الـحي القيوم. وقواه الفخر الرازي واحتج بأنهما يدلان على صفات العظمة بالربوبية مالا يدل على ذلك غيرهـما كدلالتهما.  وقال غيرهم : إنه ( الـحنان الـمنان بديع السموات والأرض ذو الـجلال والإكرام ) لـحديث أحـمد وأبـي داود وابن حبان والـحاكم عن أنس : أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم جالساً ورجل يصلي ثم يدعو اللهم إني أسألك بأن لك الـحمد لا إله إلا أنت الـحنان الـمنان بديع السموات والأرض يا ذا الـجلال والإكرام  ياحي ياقيوم. فقال النبـي صلى الله عليه وسلّم :  لقد دعا الله باسـمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى.  وقال غيرهم : إنه ( الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لـم يلد ولـم يولد ولـم يكن له كفواً أحد ) لـحديث أبـي داود والترمذي وابن حبان والـحاكم عن بريدة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سـمع رجلاً يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لـم يلد ولـم يولد ولـم يكن له كفواً أحد فقال : لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب. وفـي لفظ عند أبـي داود : لقد سألت الله باسـمه الأعظم. وقال غيرهم : إنه ( رب رب ) أخرج الـحاكم عن أبـي الدرداء وابن عباس قالا : اسم الله الأكبر رب رب. وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة مرفوعاً : إذا قال العبد : يا رب يا رب قال الله تعالـى : لبيك عبدي سل تعط.  وقال غيرهم : إنه  ( مالك الـملك ) أخرج الطبراني فـي الكبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :  اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب فـي هذه الآية من آل عمران : قل اللهم مالك الـملك تؤتي الـملك من تشاء إلـى قوله : وترزق من تشاء بغير حساب. وقال غيرهم : إنه ( دعوة ذي النون ) لـحديث النسائي والـحاكم عن فضالة بن عبيد رفعه : دعوة ذي النون فـي بطن الـحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالـمين لـم يدع بها رجل مسلم قط إلا استجاب الله له.  وأخرج ابن جرير من حديث سعد مرفوعاً : اسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى. وأخرج الـحاكم عن سعد بن أبـي وقاص مرفوعاً : ألا أدلكم على اسم الله الأعظم دعاء يونس. فقال رجل : هل كانت ليونس خاصة؟ فقال ألا تسمع قوله : { ونـجيناه من الغم وكذلك ننجي الـمؤمنين }. وأخرج ابن أبـي حاتـم عن كثير بن معبد قال : سألت الـحسن عن اسم الله الأعظم  فقال : أما تقرأ القرآن؟ قول ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالـمين. وقال غيرهم : إنه ( كلمة التوحيد ) نقله عياض.  وقال غيرهم : إنه نقل الفخر الرازي عن زين العابدين أنه سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم فرأى فـي النوم هو الله الله الله الذي لا إله هو رب العرش العظيم. وقال غيرهم : إنه كل اسم من أسـمائه تعالـى دعا العبد به ربه مستغرقاً بـحيث لا يكون فـي فكره حالتئذ غير الله. فإن من دعا الله تعالـى بهذه الـحالة كان قريب الإجابة. وأخرج أبو نعيم فـي الـحلية عن أبـي يزيد البسطامي أنه سأله رجل عن الاسم الأعظم فقال : ليس له حد مـحدود إنـما هو فراغ قلبك لوحدانيته. فإذا كنت كذلك فافزع إلـى أي اسم شئت فإنك تسير به إلـى الـمشرق والتمغرب. وأخرج أبو نعيم أيضاً عن أبـي سليمان الداراني قال : سألت بعض الـمشايخ عن اسم الله الأعظم قال : تعرف قلبك؟ قلت نعم قال : فإذا رأيته قد رأيته قد أقبل ورق فسل الله حاجتك فذاك اسم الله الأعظم. وأخرج أبو نعيم عن ابن الربيع السائح أن رجلاً قال له : علمنـي الاسم الأعظم فقال : اكتب بسم الله الرحـمن الرحيم أطع الله يعطيك كل شيء.  وقال غيرهم : إنه ( اللهم ) حكاه الزركشي فـي شرح جـمع الـجوامع واستدل لذلك بأن الله دال على الذات والـميم دالة على الصفات التسعة والتسعين ذكره ابن مظفر. ولـهذا قال الـحسن البصري : اللهم مـجمع الدعاء. وقال النضر بن شـميل من قال : اللهم فقد دعا الله بـجميع أسـمائه. اهـ


بسم الله الرحـمن الرحيم

قال مـجاهد : إن آدم عليه السلام لـما أكل من الشجرة تساقط عنه جـميع زينة الـجنة ولـم يبق عليه من زينتها إلا التاج والإكليل. وجعل لا يستتر بشئ من ورق الـجنة إلا سقط عنه فالتفت إلـى حواء باكيا. وقال استعدي للخروج من جوار الله هذا أول شؤم الـمعصية قالت يا آدم ما ظننت أن أحدا يـحلف بالله كاذبا وذلك أن إبليس قاسـمهما على الشجرة وآدم فـي الـجنة هاربا استحياء من رب العالـمين. فتعلقت به شجرة ببعض أغصانها فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة فنكس رأسه يقول العفو العفو فقال الله عز وجل : يا آدم أفرارا منـي قال بل حياء منك سيدي فأوحى الله إلـى الـملكين أن أخرجا آدم وحواء من جواري فإنهما قد عصياني فنزع جبريل عليه السلام التاج عن رأسه وحل ميكائيل عليه السلام الإكليل عن جبينه.  فلما هبط من ملكوت القدس إلـى دار الـجوع والـمسغبة بكى على خطيئته مائة سنة قد رمى برأسه على ركبتيه حتى نبتت الأرض عشبا وأشجارا من دموعه حتى نقع الدمع فـي نقر الـجلاميد وأقعيتها. وقال وهب بن منبه : إن آدم عليه السلام لبث فـي السخطة سبعة أيام ثم إن الله تعالـى أطلعه فـي اليوم السابع وهو منكس مـحزون كظيم فأوحى الله إليه يا آدم ما هذا الـجهد الذي أراك فيه اليوم وما هذه البلية التـي قد أجحف بك بلاؤها وشقاؤها ؟ قال آدم عظمت مصيبتـي يا إلـهي وأحاطت بي خطيئتـي وخرجت من ملكوت ربي فأصبحت فـي دار الـهوان بعد الكرامة وفـي دار الشقاوة بعد السعادة وفـي دار العناء والنصب بعد الـخفض والدعة وفـي دار البلاء بعد العافية وفـي دار الظعن والزوال بعد القرار والطمأنينة وفـي دار الفناء بعد الـخلد والبقاء وفـي دار الغرور بعد الأمن. إلـهي فكيف لا أبكي على خطيئتـي أم كيف لا تـحزننـي نفسي أم كيف لـي أن أجتبر هذه البلية والـمصيبة. يا إلـهي قال الله تعالـى له ألـم أصطفك يا لنفسي وأحللتك داري واصطفيتك على خلقي وخصصتك بكرامتـي وألقيت عليك مـحبتـي وحذرتك لو سخطي ألـم أباشرك بيدي وأنفخ يكون فيك من روحي وأسجد لك ملائكتـي ألـم تك جاري فـي بـحبوحة جنتـي تتبوأ حيث تشاء من كرامتـي فعصيت أمري ونسيت عهدي وضيعت وصيتـي فكيف تستنكر نقمتـي فوعزتي وجلالـي لو ملأت الأرض رجالا كلهم مثلك يسبحون الليل والنهار لا يفترون ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين وإني قد رحـمت ضعفك وأقلتك عثرتك وقبلت توبتك وسـمعت تضرعك وغفرت ذنبك فقل لاإله إلا أنت سبحانك اللهم وبـحمدك ظلمت نفسي وعملت السوء فتب علي إنك أنت التواب الرحيم. فقالـها آدم ثم قال له ربه قل لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبـحمدك ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لـي إنك أنت الغفور الرحيم.  فقالـها آدم ثم قال له ربه قل لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبـحمدك ظلمت نفسي وعملت السوء فارحـمنـي إنك أرحم الراحـمين قال وكان آدم قد اشتد بكاؤه وحزنه لـما كان من عظم الـمصيبة حتى إن كانت الـملائكة لتحزن لـحزنه وتبكي لبكائه فبكى على الـجنة مائتـي سنة فبعث الله إليه بـخيمة من خيام الـجنة فوضعها له فـي موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن عساكر أنا عبد القادر بن محمد أخبرنا الحسن بن علي أنا أبو بكر القطيعي ثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا وهيب بن الورد قال لما عاتب الله تعالى نوحا في ابنه فأنزل عليه إني أعظك أن تكون من الجاهلين هود 46 قال فبكى ثلاثمائة عام حتى صار تحت عينيه مثل الجداول من البكاء

أخبرنا أحمد بن المبارك أنا جدي ثابت أنا أبو علي بن دوما أنا مخلد بن جعفر أنا الحسن بن علويه أنا إسماعيل بن عيسى أنا إسحاق بن بشر أنا أبو إلياس عن وهب بن منبه قال لما سمع موسى عليه السلام كلام ربه عز وجل طمع في رؤيته فقال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني الأعراف 143 قال محمد بن إسحاق حدثني بعض من لا أتهم قال قال الله تعالى يا ابن عمران إنه لا يراني أحد فيحيا قال موسى رب لا شريك لك إني أن أراك وأموت أحب إلي من أن لا أراك وأحيا رب أتمم علي نعماك وفضلك وإحسانك بهذا الذي أسألك وأموت على أثر ذلك قال وأخبرنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال لما رأى الله الرحيم بخلقه من حرص موسى على أن يعطيه سؤله قال انطلق فانظر الحجر الذي في رأس الجبل فاجلس عليه فإني مهبط عليك جندي ففعل موسى فلما استوى عليه عرض الله تعالى عليه جنود سبع سماوات فأمر ملائكة سماء الدنيا أن يعرضوا عليه فمروا بموسى عليه السلام ولهم أصوات مرتفعة بالتسبيح والتهليل كصوت الرعد الشديد ثم أمر ملائكة السماء الثانية أن يعرضوا عليه ففعلوا فمروا به على ألوان شتى ذوو وجوه وأجنحة منهم ألوان الأسد رافعي أصواتهم بالتسبيح ففزع موسى منهم وقال أي رب إني ندمت على مسألتي رب هل أنت منجي من مكاني الذي أنا فيه قال له رأس الملائكة يا موسى اصبر على ما سألت فقليل من كثير ما رأيت ثم أمر الله ملائكة السماء الثالثة أن اهبطوا فاعترضوا على موسى فأقبل ما لا يحصى عددهم على ألوان شتى ألوانهم كلهب النار لهم بالتسبيح والتهليل زجل فاشتد فزع موسى عليه السلام وساء ظنه ويئس من الحياة فقال له رأس الملائكة يا ابن عمران اصبر حتى ترى ما لا تصبر عليه ثم أوحى الله تعالى إلى ملائكة السماء الرابعة أن اهبطوا إلى موسى بالتسبيح فهبطوا ألوانهم كلهب النار وسائر خلقهم كالثلج لهم أصوات عالية بالتسبيح والتقديس لا تشبه أصوات الذين مروا به فقال له رأس الملائكة يا موسى اصبر على ما سألت فكذلك أهل كل سماء إلى السماء السابعة ينزلون إليه بألوان مختلفة وأبدان مختلفة وأقبلت ملائكة يخطف نورهم الأبصار ومعهم حراب الحربة كالنخلة الطويلة العظيمة كأنها نار أشد ضوءا من الشمس وموسى عليه السلام يبكي رافعا صوته يقول يا رب اذكرني ولا تنسني أنا عبدك ما أظن أن أنجو مما أنا فيه إن خرجت احترقت وإن مكثت مت قال له رأس الملائكة قد أوشكت أن تمتلئ خوفا وينخلع قلبك هذا الذي جلست لتنظر إليه قال ونزل جبريل وميكائيل وإسرافيل ومن في سبع سماوات وحملة العرش والكرسي وأقبلوا عليه يقولون يا خاطئ ابن الخاطئ ما الذي رقاك إلى هاهنا وكيف اجترأت أن تسأل ربك أن تنظر إليه وموسى عليه السلام يبكي وقد اصطكت ركبتاه وتخلعت مع مفاصله فلما رأى الله عز وجل ذلك من عبده أراه قائمة عرشه فتعلق بها فاطمأن قلبه فقال له إسرافيل يا موسى والله إنا لنحن رؤساء الملائكة لم نرفع أبصارنا نحو العرش منذ خلقنا خوفا وفرقا فما حملك أيها العبد الضعيف على هذا فقال موسى يا إسرافيل وقد اطمأن أحببت أن اعرف من عظمة ربي ما عرفت ثم أوحى الله عز وجل للسماوات إني متجل للجبل فارتعدت السماوات والأرض والجبال والشمس والقمر والنجوم والسحاب والجنة والنار والملائكة والبحار وخروا كلهم سجدا وموسى ينظر إلى الجبل فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا الأعراف 143 ميتا من نور رب العزة جل وعلا فوقع عن الحجر وانقلب عليه فصار عليه مثل القبة لئلا يحترق قال الحسن فبعث الله تعالى جبريل عليه السلام فقلب الحجر عن موسى وأقامه فقام موسى عليه السلام فقال سبحانك تبت إليك الأعراف 143 مما سألت وأنا أول المؤمنين الأعراف 143 أي أنا أول من آمن أنه لا ينظر إليك أحد إلا مات وقيل أنا أول من آمن أنه لا يراك أحد في الدنيا

أخبرنا أحمد بن المبارك قال أنبأ ثابت أنا أبو علي أنا مخلد أنا الحسن بن علي أنا إسماعيل أنا إسحاق قال وأنبأ الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان داود عليه السلام قد قسم الدهر على أربعة أقسام فيوم لبني إسرائيل يدارسهم العلم ويدارسونه سعيد ويوم للمحراب ويوم للقضاء ويوم للنساء فبينا هو مع بني إسرائيل يدارسهم إذ قال بعضهم لا يأتي على ابن آدم يوم إلا يصيب فيه ذنبا فقال داود في نفسه اليوم الذي أخلو فيه للمحراب تتنحى عني الخطيئة فأوحى الله إليه يا داود خذ حذرك حتى لا ترى بلاءك قال إسحاق وأخبرنا ابن بشر عن قتادة عن الحسن قال فبينا هو في محرابه منكب على الزبور يقرؤها إذ دخل عليه طائر من الكوة فوقع بين يديه جسده من ذهب وجناحاه من ديباج مكلل بالدر ومنقاره بكر زبرجد وقوائمه فيروزج فوقع بين يديه فنظر إليه فحسب أنه من طير الجنة فجعل يتعجب من حسنه وكان له ابن صغير فقال لو أخذت هذا فنظر إليه ابني فأهوى إليه فتباعد منه ويطمعه أحيانا من نفسه حتى تكاد تقع يده عليه فتباعد منه أيضا فما زال كذلك يدنو ويتباعد حتى قام من مجلسه وأطبق الزبور فطلبه فوقع في الكوة فطلبه في الكوة فرمى بنفسه في بستان فاطلع داود فإذا بامرأة تغتسل قال قتادة عن بلال بن حسان فأخرج رأسه من الكوة فإذا هو بإمرأة تغتسل فنظر إلى أحسن خلق الله ونظرت المرأة وإذا وجه رجل فنشرت شعرها فغطت جسدها رجع إلى حديث الحسن قال فزاده ذلك إعجابا بها فرجع إلى مكانه وفي نفسه منها ما في نفسه فبعث لينظر من هي فرجع إليه الرسول فقال هي تشايع ابنة حنانا وزوجها أوريا ابن صورا وهو في البلقاء مع ابن أخت داود محاصري قلعة فكتب داود إلى ابن أخته كتابا إذا جاءك كتابي هذا فمر أوريا بن صورا فليحمل التابوت وليتقدم أمام الجيش وكان الذي يتقدم لا يرجع حتى يقتل أو يفتح الله عليه فدعا صاحب الجيش أوريا فقرأ عليه الكتاب فقال سمعا وطاعة فحمل التابوت وسار وسار أمام أصحابه فقتل وكتب ابن أخت داود بذلك إلى داود فلما انقضت عدة المرأة أرسل إليها داود فخطبها   قال وأخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن قال إن داود لما تزوج تشايع بنت حنانا وكان يخلو للعبادة في المحراب فبينا هو في المحراب إذ سمع صوتا عاليا ثم تسور عليه رجلان حتى اقتحما عليه فلما رآهما فزع منها قالا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض يعني اعتدي بعضنا على بعض فظلمه فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط يعني لا تجر واهدنا إلى سواء الصراط يعني إلى قصد السبيل فقال داود قصا علي قصتكما قال إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب يعني قهرني وظلمني وأخذ نعجتي فضمها إلى نعاجه وعزني في الخطاب يعني إذا تكلم كان أبلغ في المخاطبة مني وإذا دعا كان أسرع إجابة مني وإذا خرج كان يعني أكثر تبعا مني فقال داود لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم سورة ص 24 21 قال فضحك المدعى عليه فقال داود تظلم وتضحك ما أحوجك إلى قدوم يرض منك هذه وهذه يعني جبهته وفاه قال الملك بل أنت أحوج إلى ذلك منه وارتفعا وفي رواية قال فتحولا في صورتهما وعرجا وهما يقولان قضى الرجل على نفسه وعلم داود أنه إنما عني به هو فخر ساجدا أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة لا بد منها ثم يعود فيسجد لا يأكل ولا يشرب وهو يبكي حتى نبت العشب حول رأسه وهو ينادي ربه عز وجل ويسأله التوبة وكان يقول في سجوده سبحان خالق النور الحائل بين القلوب سبحان خالق النور إلهي خليت بيني وبين عدوي إبليس فلم أقم لفتنته إذ نزلت بي سبحان خالق النور إلهي لم أفارق الزبور ولم أتعظ بما وعظت به غيري إلهي أمرتني أن أكون لليتيم كالأب الرحيم وللأرملة كالزوج الرحيم فنسيت عهدك سبحان خالق النور إلهي بأي عين أنظر إليك يوم القيامة وإنما الظالمون من طرف خفي سبحان خالق النور إلهي الويل لداود من الذنب العظيم الذي أصاب سبحان خالق النور إلهي الويل لداود إذا كشف عنه الغطاء فيقال هذا داود الخاطئ سبحان خالق النور إلهي أنت المغيث وأنا المستغيث فمن يدعو المستغيث إلا المغيث سبحان خالق النور إلهي إليك فررت بذنوبي واعترفت بخطيئتي فلا تجعلني من القانطين ولا تخزني يوم الدين في مناجاة كثيرة قال فأتاه نداء أجائع أنت فتطعم أظمآن قد أنت فتسقى أمظلوم أنت فتنصر ولم يجبه في ذكر خطيئته قال فصاح صيحة هاج ما حوله ثم نادى يا رب الذنب الذي أصبت فنودي يا داود ارفع رأسك فقد غفرت لك قال وأخبرنا أبو إلياس عن وهب بن منبه أن داود أتى قبر أوريا فقام عنده وجعل التراب على رأسه ثم نادى فقال الويل لداود ثم الويل الطويل لداود سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل لداود إذا نصبت الموازين سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل لداود يوم يقتص للمظلوم من الظالم سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل لداود يوم يسحب على وجهه مع الخاطئين إلى النار سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل لداود قال فأتاه نداء من السماء يا داود قد غفرت لك ذنبك ورحمت بكاءك وأقلت عثرتك قال يا رب كيف تعفو عني وصاحبي لم يعف عني قال يا داود أعطيه يوم القيامة من الثواب ما لم تر عيناه ولم تسمع أذناه فأقول رضي عبدي فيقول يا رب من أين لي هذا ولم يبلغه عملي فأقول له هذا عوض من عبدي داود فأستوهبك منه فيهبك لي قال يا رب الآن عرفت أنك قد غفرت لي

قال إسحاق وأخبرنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال كان سليمان عليه السلام رجلا غزاء يغزو في البر والبحر فسمع بملك في جزيرة من جزائر البحر فركب سليمان الريح وجنوده من الجن والإنس حتى نزل تلك الجزيرة فقتل ملكها وسبى من فيها وأصاب جارية لم ير مثلها حسنا وجمالا وكانت ابنة ذلك الملك فاصطفاها لنفسه فكان يجد بها ما لا يجد بأحد وكان يؤثرها على جميع نسائه فدخل عليها يوما فقالت إني أذكر أبي وملكه وما أصابه فيحزنني ذلك فإن رأيت أن تأمر بعض الشياطين فيصورون وفي لي صورة أبي في داري فأراه بكرة وعشيا رجوت أن يذهب عني حزني ويسلي عني بعض ما أجد في نفسي فأمر سليمان صخرا المارد فمثل لها أباها في هيئته في ناحية دارها لا تنكر منه شيئا إلا أنه لا روح فيه فعمدت إليه فزينته وألبسته حتى تركته في هيئة أبيها ولباسه فإذا خرج سليمان عليه السلام من دارها تغدو عليه كل غدوة مع جواريها فتطيبه كل وتسجد له وتسجد جواريها وتروح بمثله وسليمان لا علم له بذلك حتى أتى لذلك أربعون يوما وبلغ الناس وبلغ آصف بن برخيا وكان صديقا له فدخل عليه فقال يا نبي الله قد أحببت أن أقوم مقاما أذكر فيه من مضى من أنبياء اللة وأثني عليهم بعلمي فيهم قال فجمع سليمان الناس فقام فيهم فذكر من مضى من أنبياء الله وأثنى على كل نبي بما فيه وذكر ما فضلهم الله به حتى انتهى إلى سليمان فذكر فضله وما أعطاه الله في حداثة سنه وصغره ثم سكت فامتلأ سليمان غيظا فلما دخل أرسل إليه فأتاه فقال يا آصف ذكرت من مضى من أنبياء الله فأثنيت عليهم بما كانوا عليه في زمانهم كله فلما ذكرتني جعلت تثني علي بخير في صغري وسكت عما سوى ذلك من أمري في كبري فما الذي أحدثت في كبري قال أحدثت أن غير الله يعبد في دارك منذ أربعين يوما في هوى امرأة قال في داري قال في دارك قال إنا لله وإنا إليه راجعون عرفت ما قلت هذا إلا عن شئ بلغك ثم رجع إلى داره وكسر ذلك الصنم وعاقب تلك المرأة وولائدها ثم دعا بثياب الطهر فلبسها ثم خرج إلى فلاة من الأرض ففرش له الرماد ثم أقبل تائبا إلى الله تعالى فجلس على ذلك الرماد يتمعك فيه متذللا متضرعا يبكي ويستغفر الله ويقول يا رب ما هذا بلاؤك عند آل داود أن يعبدوا غيرك وأن يقروا في دارهم وأهلهم عبادة غيرك فلم يزل كذلك حتى أمسى ثم رجع وكانت له جارية سماها الأمينة وكان إذا أتى الخلاء أو أراد إتيان إمرأة وضع خاتمه عندها وكان لا يمسه إلا وهو طاهر وكان الله تعالى جعل ملكه في خاتمه قال وهب فجاء يوما يريد الوضوء فدفع الخاتم إليها وجاء صخر المارد فسبق سليمان فدخل المتوضأ فدخل سليمان لحاجته وخرج الشيطان على صورة سليمان ينفض لحيته من الوضوء لا تنكر من سليمان شيئا فقال خاتمي يا أمينة فناولته إياه لا تحسب إلا أنه سليمان فجعله في يده ثم جاء حتى جلس على سرير سليمان وعكف عليه الطير والجن والإنس وخرج سليمان فقال للأمينة خاتمي قالت ومن أنت قال أنا سليمان بن داود وقد تغير عن حاله وذهب عنه بهاؤه قالت كذبت إن سليمان قد أخذ خاتمه وهو جالس على سريره في ملكه فعرف سليمان أن خطيئته قد أدركته قال الحسن فخرج سليمان هاربا مخافة على نفسه فمضى على وجهه بغير حذاء ولا قلنسوة في قميص وإزار فمر بباب شارع على الطريق وقد جهده الجوع والعطش والحر فأتى الباب فقرعه فخرجت امرأة فقالت ما حاجتك فقال ضيافة ساعة فقد ترين ما أصابني من الحر والرمضاء قد احترقت رجلاي وبلغ مجهودي من الجوع والعطش قالت المرأة زوجي غائب وليس يسعني أن أدخل رجلا غريبا علي فادخل البستان فإن فيه ماء وثمارا فأصب من ثماره وتبرد فيه فإذا جاء زوجي استأذنته في ضيافتك فإن أذن لي فذاك وإن أبى أصبت ما رزق الله ومضيت فدخل البستان فاغتسل ووضع رأسه فنام فآذاه الذباب فجاءت حية سوداء فأخذت ريحانة من البستان بفيها وجاءت سليمان فجعلت تذب عنه الذباب حتى جاء زوج المرأة فقصت عليه القصة فدخل إلى سليمان فلما رأى الحية وصنيعها دعا امرأته فقال لها تعالي فانظري إلى العجب فنظرت ثم مشيا إليه فأيقظاه ثم قالا له يا فتى هذا منزلنا لا يسعنا شئ يعجزك وهذه ابنتي قد زوجتكها وكانت من أجمل نساء زمانها فتزوجها وأقام عندهم ثلاثا ثم قال لا يسعني إلا طلب المعيشة لي ولأهلي فانطلق إلى الصيادين فقال لهم هل لكم في رجل يكون معكم يعينكم وترضخون % له من صيدكم فلا وكل يأتيه الله برزقه فقالوا قد انقطع عنا الصيد وليس عندنا فضل نعطيكه فمضى إلى غيرهم فقال لهم مثل هذه المقالة فقالوا له نعم وكرامة نواسيك بما عندنا فأقام عندهم يختلف كل ليلة إلى أهله بما أصاب من الصيد حتى أنكر الناس قضاء سليمان وفعاله فلما رأى الخبيث أن الناس قد فطنوا له انطلق بالخاتم فألقاه في البحر قال الحسن أمسك الخاتم أربعين يوما

وروي أنه قعد على كرسي سليمان فاجتمع له الجن والإنس والشياطين وملك كل شئ كان يملكه سليمان عليه السلام إلا أنه لم يسلط على نسائه وخرج سليمان يسأل الناس ويتضيفهم منه ويقوم على باب الرجل والمرأة ويقول أطعموني فإني سليمان بن داود فيطردونه ويقولون له ما يكفيك ما أنت فيه حتى تكذب على سليمان وهذا سليمان على ملكه حتى أصابه الجهد واشتد عليه البلاء فلما تم عليه أربعون يوما قال آصف يا معشر بني إسرائيل هل رأيتم من خلاف حكم ابن داود ما رأيت قالوا نعم فعمد عند ذلك الخبيث فألقى الخاتم في البحر فاستقبله جري فابتلع الخاتم فصار في جوفه مثل الحريق من نور الخاتم فاستقبل جرية الماء فوقع في شباك الصيادين الذين كان سليمان معهم فلما أمسوا قسموا السمك فأسقطوا الجري فجعلوه لسليمان فذهب به إلى أهله فأمرهم أن يصنعوه فلما شقوا بطنه أضاء البيت نورا من خاتمه فدعت المرأة سليمان فأرته الخاتم فتختم به وخر لله ساجدا وقال إلهي لك الحمد على قديم بلائك وحسن صنيعك إلى آل داود إلهي أنت ابتدأتهم بالنعم وأورثتهم الكتاب والحكم والنبوة فلك الحمد إلهي تجود بالكبير وتلطف بالصغير فلك الحمد نعماؤك : ظهرت فلا تخفى وبطنت فلا تحصى فلك الحمد إلهي لم تسلمني بذنوبي فلك الحمد تغفر الذنوب وتستجيب الدعاء فلك الحمد إلهي لم تسلمني بجريرتي فلك الحمد ولم تخذلني بخطيئتي فلك الحمد إلهي فأتم نعمتك علي واغفر لي ما سلف وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فذلك قوله تعالى ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب ص 34 وروي عن عكرمة أن سليمان لما أصاب الملك أمر بحمل أهل ذلك البيت فوضعهم في وسط المملكة ولم يكن سليمان عليه السلام نال تلك المرأة حتى رد الله عليه ملكه

قال إسحاق بن بشر وأخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن أن يونس عليه السلام كان مع نبي من أنبياء بني إسرائيل فأوحى الله إليه أن ابعث يونس إلى أهل نينوى يحذرهم عقوبتي قال فمضى يونس على كره منه وكان رجلا حديدا شديد الغضب قال فأتاهم فحذرهم وأنذرهم فكذبوه وردوا عليه نصيحته ورموه بالحجارة وأخرجوه فانصرف عنهم فقال له نبي بني إسرائيل ارجع إلى قومك فرجع إليهم فرموه بالحجارة وأخرجوه فقال له النبي ارجع إلى قومك فرجع فكذبوه وأوعدهم العذاب فقالوا كذبت فلما كذبوه وكفروا بالله وجحدوا كتابه دعا عند ذلك ربه على قومه فقال يا رب إن قومي أبوا إلا الكفر فأنزل عليهم نقمتك فأوحى الله تعالى إليه إني أنزل بقومك العذاب قال فخرج عنهم يونس وأوعدهم العذاب بعد ثلاثة أيام وأخرج أهله وانطلق فصعد جبلا ينظر إلى أهل نينوى ويترقب العذاب فجاءهم العذاب وعاينوه فتابوا إلى الله تعالى فكشف عنهم العذاب فلما رأى ذلك جاءه إبليس فقال يا يونس إنك إن رجعت إلى قومك اتهموك وكذبوك فذهب مغاضبا لقومه فانطلق حتى أتى شاطئ دجلة فركب سفينة فلما توسطت به الماء أوحى الله إليها أن اركدي فركدت السفينة والسفن تمر يمينا وشمالا فقالوا ما بال سفينتكم فقالوا لا ندري قال يونس أنا أدري قالوا فما حالها قال فيها عبد آبق من ربه فلا تسير حتى تلقوه في الماء قالوا ومن هو قال أنا وعرفوه قالوا أما أنت فليس نلقيك والله ما نرجو النجاة منها إلا بك قال فاقترعوا فمن قرع فألقوه في الماء قال فاقترعوا فقرعهم يونس فأبوا أن يلقوه قال فاقترعوا الثانية فقرعهم قال فاقترعوا الثالثة فقرعهم قال ألقوني في الماء

وفي رواية قال يا قوم اطرحوني في الماء وانجوا فقام القوم فاحتملوه شبه المشفقين عليه فقال ائتوا بي صدر السفينة ففعلوا فلما أشرفوا ليلقوه فإذا الحوت فاتح فاه فلما رأى ذلك قال يا قوم ردوني إلى مؤخر السفينة ففعلوا فلما أشرفوا ذهبوا يطرحونه فاستقبله الحوت فاتحا فاه فلما رأى جوفه وهوله قال يا قوم ردوني إلى وسط السفينة ففعلوا فاستقبله فقال ردوني إلى الجانب الآخر فاستقبه غير فاتحا فاه ليأخذه فقال اطرحوني وانجوا فلا منجا من الله فطرحوه والتقمه الحوت قبل أن يبلغ الماء وتصوب به رجع الحديث إلى الحسن قال فانطلق به الحوت إلى مسكنه من البحر ثم انطلق به إلى قرار الأرض فطاف به البحار أربعين يوما فسمع يونس تسبيح الحصى وتسبيح الحيتان قال فجعل يسبح ويهلل ويقدس وكان يقول في دعائه سيدي في السماء مسكنك وفي الأرض قدرتك وعجائبك سيدي من الجبال أهبطتني وفي البلاد سيرتني وفي الظلمات الثلاث حبستني إلهي سجنتني بسجن لم تسجن به أحدا قبلي إلهي عاقبتني بعقوبة لم تعاقب بها أحدا قبلي فلما كان تمام أربعين يوما وأصابه الغم فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين الأنبياء 87 قال فسمعت الملائكة بكاءه وعرفوا صوته وبكت الملائكة لبكاء يونس وبكت السماء والأرض والحيتان فقال الجبار يا ملائكتي مالي أراكم تبكون قالوا ربنا صوت ضعيف حزين نعرفه في مكان غريب قال ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر فقالوا يا رب العبد الصالح الذي كان يصعد له في كل يوم وليلة العمل الصالح الكثير قال ابن عباس قال الله تعالى نعم قال فشفعت له الملائكة والسماوات والأرض فبعث الله تعالى جبريل عليه السلام فقال انطلق إلى الحوت الذي حبست يونس في بطنه فقل له إن لي في عبدي حاجة فانطلق به إلى الموضع الذي ابتلعته فيه فاقذفه به فانطلق جبريل إلى الحوت فأخبره فانطلق الحوت بيونس وهو يقول يا رب استأنست في البحر بتسبيح عبدك واستأنست به دواب البحر وكنت أزكي شئ به وجعلت بطني له مصلى يقدسك أحمد فيه فقدست بعد به وما حولي من البحار فتخرجه عني بعد أنس كان به قال الله تعالى إني أقلته عثرته ورحمته فألقه قال فجاء به إلى حيث ابتلعه ببلد على شاطئ دجلة فدنا جبريل من الحوت وقرب فاه من فم الحوت فقال السلام عليك يا يونس رب العزة يقرئك السلام فقال يونس مرحبا بصوت كنت خشيت أن لا أسمعه أبدا مرحبا بصوت كنت أرجوه قريبا من سيدي ثم قال جبريل للحوت اقذف يونس بإذن الله الرحمن فقذفه مثل الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش فاحتضنه جبريل عليه السلام قال الحسن فأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو الدباء فكان لها ظل واسع يستظل به وأمرت أن ترضعه أغصانها فكان يرضع منها كما يرضع الصبي وعن الحسن قال بعث الله إلى يونس وعلة من وعول الجبل يدر ضرعها لبنا حتى جاءت إلى يونس وهو مثل الفرخ ثم ربضت وجعلت ثديها في يونس فكان يمصه كما يمص الصبي فإذا شبع انصرفت فكانت تختلف إليه حتى اشتد ونبت عليه شعره خلقا جديدا ورجع إلى حاله قبل أن يقع في بطن الحوت فمرت به مارة فكسوه كساء فبينا هو ذات يوم نائم إذ أوحى الله إلى الشمس أن احرقي شجرة يونس فأحرقنها يقول فأصابت الشمس جلده فأحرقته فقال يا رب نجيتني من الظلمات ورزقتني ظل شجرة كنت أستظل بها فأحرقتها أفتحرمني الذي يا رب وبكى فأتاه جبريل عليه السلام فقال يا يونس إن الله تعالى يقول أنت زرعتها أم أنت أنبتها قال لا قال فبكاؤك لأن حين تعلم أن الله قد أعطاكها فكيف دعوت على مائة ألف وزيادة عشرين ألفا أردت أن تهلكهم وقال ابن عباس قال له جبريل أتبكي على شجرة أنبتها الله لك ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم في غداة واحدة فعند ذلك عرف يونس ذنبه واستغفر ربه فغفر له وعن الزهري قال لما قوي يونس كان يخرج من الشجرة يمينا وشمالا فأتى على رجل يصنع الجرار فقال يونس يا عبد الله ما عملك قال أصنع الجرار وأبيعها وأطلب فيها فضل الله فأوحى الله إلى يونس أن قل له يكسر جراره فقال يونس ذلك له فغضب الجرار وقال إنك رجل سوء تأمرني بالفساد وتأمرني أن أكسر شيئا صنعته وعملته ورجوت خيره فأوحى الله إلى يونس ألا ترى إلى هذا الجرار كيف غضب حين أمرته بكسر ما صنع وأنت تأمرني بهلاك قومك فما الذي يشق عليك أن يصلح من قومك مائة ألف أو يزيدون قال الله سبحانه فلولا أنه كان من المسبحين يعني من المصلين من قبل أن تنزل البلية للبث في بطنه إلى يوم يبعثون الصافات 143 قال ابن عباس من كان ذاكرا لله في الرخاء ذكره الله في الشدة واستجاب له ومن يغفل عن الله في الرخاء وذكره في الشدة لم يستجب له وقال الله تعالى وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فقال الله عز وجل فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين الأنبياء 87 يقول الله تعالى كذلك نفعل بالصالحين إذا وقعوا في الخطيئة ثم تابوا إلي قبلت منهم قال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أخي يونس بهذه الدعوة في الظلمات فأنجاه الله فلا يدعو بها مؤمن مكروب إلا كشف الله عز وجل ذلك عنه إنها عدة من الله لا خلف لها

 



الـجلوس للتعزية والقراءة للأموات










بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى ، ولا سيما رسوله المصطفى ، وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والنهى وبعد :
فهذه كلمات مضيئة عن حكم الجلوس للتعزية مما اعتاده الناس للفاضل الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك .
وقد ألحقنا بها بعض ما يتصل بهذا الموضوع من حكم قراءة القرآن الكريم عند القبر ، والاجتماع لقراءته ، وإهداء ثوابه للأموات ، وكذا سائر القرب التي تدخلها النيابة .
ويجد القارئ في كلام ابن قدامة استشهادا بحديث قراءة سورة يس عند القبر ، وهو ضعيف والمعول عليه في كلام ابن قدامة ما ذكر قبل الحديث ، على أن ما ذكر عن ابن عمر والشافعي وأحمد وجماعة من السلف فيه غنية للمستفيد .
وأيد هذا المذهب وانتصر له ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، فالتشغيب بعد ذلك عبث لا فائدة فيه . والله أعلم

( عيسى بن عبدالله بن مانع الحميري )

بسم الله الرحمن الرحيم
( الجلوس للتعزية )
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وآله وصحبه وبعد :
فقد استشكل بعض الناس ما تعارف الناس عليه من جلوس أهل الميت واجتماعهم في مجلس يجمعهم لاستقبال المعزين في وفاة فقيدهم ، هل هو جائز أو محرم ؟
فأردت أن أبين هذه المسألة ليكون المسلم على بصيرة من دينه . فأقول :
إن الجلوس للتعزية مكروه عند الحنابلة (1) على المعتمد (2)
وعند الشافعية (3) مكروه كراهية تنزيه (4)
وعند الحنفية لا بأس به (5)
وقد أجازه المالكية (6) وهي رواية الخلال عن الإمام أحمد حيث قال : سهل الإمام أحمد في الجلوس إليهم في غير موضع (7) .
والقول بالجواز يدل عليه ما رواه الإمام البخاري في الجنائز ( باب من جلس عند المصيبة )
وأبوداود في الجنائز من سننه في ( باب الجلوس عند المصيبة ) وفي نسخة ( باب من جلس في المسجد وقت التعزية ) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : لما قتل زيد بن حارثة وجعفر وعبدالله بن رواحة جلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد يعرف فيه الحزن .
فأنت ترى الإمام أبا داود جعل عنوان الباب بلفظ صريح في الجلوس وقت التعزية ولذلك قال الحافظ ابن حجر في الفتح : "وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار" انتهى (8) .
ثم إن تعزية أهل الميت مقصد شرعي واجتماعهم في بيت واحد وسيلة يتحقق بها هذا المقصد ، والقاعدة عند الفقهاء أن الوسائل تتبع المقاصد في أحكامها فوسيلة المحرم محرمة ووسيلة الواجب واجبة ، وكذلك بقية الأحكام الشرعية .
أما القول بأن الجلوس بدعة فلا أعلم أحدا نص عليه من أهل العلم ، وكيف يكون الجلوس بدعة وقد جلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بل لا يصدق عليه تعريف البدعة التي هي كما قال الإمام الشاطبي في الاعتصام ( طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية ) .
نعم إن هذا التعريف يصدق على معنى آخر نص العلماء على أنه بدعة وهو أن يصنع أهل الميت طعاما ويجمعون الناس عليه ، وإنما كان بدعة لأن السنة أن يصنع الناس لأهل الميت الطعام . فمن ترك هذه السنة وأحدث طريقة كان مبتدعا ، فقد نص الإمام النووي رحمه الله على أنه بدعة غير مستحبة (9) . وقال ابن تيمية فيما نقله عنه الشيخ عبدالرحمن بن قاسم : جمع أهل المصيبة الناس على طعامهم ليقرؤوا ويهدوا له ليس معروفا عند السلف وقد كرهه طوائف من العلماء من غير وجه (10) .
وعليه فمن جلس للعزاء فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى ومن ترك الجلوس لا ينكر عليه ، لأن المسألة من مسائل الخلاف التي تتسع لها الصدور المؤمنة ولا تضيق . ولأن الإنكار في مثل هذه المسألة ليس من عمل السلف الصالح وإنما هو أمر محدث أحدثه الناس في الأزمان المتأخرة .
فعلى طلبة العلم أن ينتزعوا هذا الإنكار المحْدَث من مجتمعاتهم ، وأن يعيدوا الناس إلى ما كان عليه السلف الصالح من عدم الإنكار في مسائل الخلاف ، والحمد لله رب العالمين .

( قيس بن محمد آل الشيخ مبارك )

( قراءة القرآن عند القبر )
قال الشيخ الموفق ابن قدامة إمام الحنابلة في زمانه : (فصل) ولا بأس بالقراءة عند القبر وقد روي عن أحمد أنه قال : إذا دخلتم المقابر اقرؤوا آية الكرسي وثلاث مرات (( قل هو الله أحد )) ثم قل : اللهم إن فضله لأهل المقابر .
وروي عنه أنه قال : القراءة عند القبر بدعة ، وروي ذلك عن هشيم . قال أبو بكر : نقل ذلك عن أحمد جماعة ثم رجع رجوعا أبان به عن نفسه ، فروى جماعة أن أحمد نهى ضريرا أن يقرأ عند القبر وقال : إن القراءة عند القبر بدعة . فقال له محمد بن قدامة الجوهري : يا أبا عبدالله ما تقول في مبشر الحلبي ؟ قال : ثقة . قال : فأخبرني مبشر عن أبيه عبدالرحمن بن العلاء أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها ، وقال : سمعت ابن عمر يوصي بذلك ، قال أحمد : فارجع فقل للرجل : يقرأ .
وقال الخلال : حدثني أبو علي الحسن بن الهيثم البزار شيخنا الثقة المأمون ، قال : رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور .
وقد روي عن النبي صلى الله عيه وآله وسلم  أنه قال : ( من دخل المقابر فقرأ سورة (يس) خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات ) وروي عنه عليه السلام : ( من زار قبر والديه فقرأ عنده أو عندهما (يس) غفر له )
انتهى من [ كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي 2/424 ]

وقد ذكر الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم 3/202 في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : "مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قبرين فقال : أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله - قال : فدعا بعسيب رطب فشقه اثنين ثم غرسه على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال : لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا"
قال رحمه الله في شرحه لهذا الحديث ما نصه : واستحب العلماء قراءة القرآن عند القبر لهذا الحديث لأنه إذا كان يرجى التخفيف بتسبيح الجريدة فتلاوة القرآن أولى والله أعلم .

( اتحاف الأمة في أن الاجتماع لقراءة القرآن وإهداءه من عمل سلف الأمة )
قال الإمام العلامة شيخ السادة الحنابلة الشيخ الموفق ابن قدامة في كتاب المغني :
(فصل) وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه إن شاء الله . أما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيها خلافا إذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة , وقد قال الله تعالى (( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ))
وقال تعالى (( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ))
ودعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي سلمة حين مات .
وللميت الذي صلى عليه في حديث عوف بن مالك ولكل ميت صلى عليه ، سأل رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت فينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال نعم . رواه أبو داود ، وروي ذلك عن سعد بن عبادة .
وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : يا رسول الله إن فريضة الحج أدرَكَت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قالت : أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته . قالت : نعم . قال : فدين الله أحق أن يقضى .
وقال للذي سأله : إن أمي قد ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها . قال : نعم .
وهذه أحاديث صحاح وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب لأن الصوم والحج والاستغفار عبادات بدنية وقد أوصل الله نفعها إلى الميت ، فكذلك ما سواها مع ما ذكرنا في الحديث من ثواب في من قرأ (يس) ويخفف الله على أهل المقابر بقراءته .
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمرو بن العاص : ( لو كان أبوك مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك ) وهذا عام في حج التطوع وغيره ولأنه عمل بر وطاعة فوصل نفعه وثوابه كالصدقة والصيام والحج الواجب .
وقال الشافعي (11) : ما عدا الواجب والصدقة والدعاء والاستغفار لا يفعل عن الميت ولا يصل ثوابه إليه لقوله تعالى (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له" ولأن نفعه لا يتعدى فاعله فلا يتعدى ثوابه .
وقال بعضهم إذا قرئ القرآن عند الميت أو أهدي إليه ثوابه كان الثواب لقارئه ويكون الميت كأنه حاضرها وترجى له الرحمة .

( القول الراجح في المسألة )
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني 2/425 : ولنا ما ذكرناه وأنه إجماع المسلمين فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرؤون القرآن ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير ولأن الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ) والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه ويحجب المثوبة عنه ، ولأن الموصل لثواب ما سلموه قادر على إيصال ثواب ما منعوه والآية مخصوصة بما سلموه ، وما اختلفنا فيه من معناه فنقيسه عليه ولا حجة لهم في الخبر الذي احتجوا به فإنما دل على انقطاع عمله فلا دلالة فيه عليه .
ثم لو دل عليه كان مخصوصا بما سلموه وفي معناه ما منعوه فيخصص به أيضا بالقياس عليه ، وما ذكروه من المعنى غير صحيح فإن تعدي الثواب ليس بفرع لتعدي النفع ثم هو باطل بالصوم والدعاء والحج وليس له أصل يعتبر به والله أعلم انتهى

وقال الإمام المجمع على فضله أبو زكريا النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم 1/89 :
فإن الصدقة تصل إلى الميت وينتفع بها بلا خلاف بين المسلمين وهذا هو الصواب ، وأما ما حكاه أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتاب "الحاوي" عن بعض أصحاب الكلام من أن الميت لا يلحقه بعد موته ثواب فهو مذهب باطل قطعا وخطأ بين مخالف لنصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة فلا التفات إليه ولا تعريج عليه انتهى

( قول ابن تيمية بوصول ثواب قراءة الميت )
وقال الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوي 24/324 وسئل عن قراءة أهل الميت تصل إليه ؟ والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير إذا أهداه إلى الميت يصل إلي ثوابها أم لا ؟
فأجاب : ( يصل إلى الميت قراءة أهله وتسبيحهم وتكبيرهم وسائر ذكرهم لله تعالى إذا أهدوه إلى الميت وصل إليه والله أعلم ) وانظر أيضا 24/315 من الفتاوي المذكورة .
وسئل ابن تيمية أيضا عن قوله تعالى (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) فهل يقتضي ذلك إذا مات لا يصل إليه شيء من أفعال البر ؟
فأجاب : ( الحمد لله رب العالمين . ليس في الآية ولا في الحديث أن الميت لا ينتفع بدعاء الخلق له ، وبما يعمل عنه من البر ، بل أئمة الإسلام متفقون على انتفاع الميت بذلك ، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام ، وقد دل عليه الكتاب والسنة ، فمن خالف ذلك كان من أهل البدع ) انتهى
وقد أطال الإجابة بما يعلم من فتاويه 24/306-313

( قول ابن القيم بوصول ثواب القراءة للميت )
وقال الشيخ ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الروح طبعة حيدر آباد الثانية ص13 ما نصه : ( وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن . قال عبد الحق : يروى أن عبد الله بن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة . وممن رأى ذلك علي بن عبد الرحمن . وكان الإمام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع .
وقال الخلال في كتاب الجامع : ( القراءة عند القبور ) أخبرنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا يحيى بن معين ، ثنا مبشر الحلبي ، حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن الجلاج عن أبيه قال : قال أبي : إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل : بسم الله وعلى سنة رسول الله ، وسن علي التراب سنا ، واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها ، فإني سمعت عبد الله بن عمر يقول ذلك .
قال عباس الدوري : سألت أحمد بن حنبل قلت : تحفظ في القراءة عند القبر شيئا ؟ فقال : لا ، وسألت يحيى بن معين فحدثني بهذا الحديث .
قال الخلال : وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق ، حدثني علي بن موسى الحداد ، وكان صدوقا . قال : كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة ، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر . فقال له أحمد : يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة ، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي ؟ قال ثقة . قال : كتبت عنه شيئا ؟ قال : نعم . قال : فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها ، وقال : سمعت ابن عمر يوصي بذلك . فقال له أحمد : فارجع وقل للرجل : يقرأ . (12)
وقال الزعفراني : سألت الشافعي عن القراءة عند القبر ، فقال : لا بأس بها .
وذكر الخلال عن الشعبي قال : كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرأون عنده القرآن )
وفي ص188 من كتاب الروح عزا ابن القيم وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف ، وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام .
وفي ص205 من كتاب الروح أيضا في الجواب عن قوله تعالى (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) ما لفظه : ( وقالت طائفة أخرى : القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفى ملكه لغير سعيه ، وبين الأمرين من الفرق ما لا يخفى .
وأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه ، وأما سعي غيره فهو ملك لساعيه ، فإن شاء أن يبذله لغيره ، وإن شاء أبقاه لنفسه ، وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى ، وكان شيخنا –يعني ابن تيمية- يختار هذه الطريقة ويرجحها ) انتهى
وقد أسهب ابن القيم رحمه الله تعالى وأجاد في دحض شبه المانعين . فمن ذلك في ص206 من كتاب الروح ما نصه : وأما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله ) فاستدلال ساقط ، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل انقطع انتفاعه وإنما أخبر عن انقطاع عمله . وأما عمل غيره فهو لعامله ، فإن وهبه له فقد وصل إليه ثواب عمل العامل لا ثواب عمله هو ، فالمنقطع شيء والواصل إليه شيء آخر .
ثم قال أيضا :
وأما قولكم الإهداء حوالة ، والحوالة إنما تكون بحق لازم ، فهذه حوالة المخلوق على المخلوق ، وأما حوالة المخلوق على الخالق فأمر آخر لا يصح قياسها على حوالة العبيد بعضهم على بعض .
وهل هذا إلا من أبطل القياس وأفسده ، والذي يبطله إجماع الأمة على انتفاعه بأداء دينه وما عليه من الحقوق وإبراء المستحق لذمته والصدقة والحج عنه بالنص الذي لا سبيل إلى رده ودفعه ، وكذلك الصوم ، وهذه الأقيسة الفاسدة لا تعارض نصوص الشرع وقواعده . انتهى
وفي 226 من الروح أيضا كلام نفيس نصه : وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج . فإن قيل : فهذا لم يكن معروفا في السلف ، ولا يمكن نقله عن واحد منهم مع شدة حرصهم على الخير ولا أرشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه ، وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام . فلو كان ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه .
فالجواب : إن مورد هذا السؤال إن كان معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار ، قيل له ما هذه الخاصية التي منعت وصول ثواب القرآن واقتضت وصول هذه الأعمال ؟ وهل هذا إلا التفريق بين المتماثلات . وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع .
ثم يقال لهذا القائل : لو كلفت أن تنقل عن واحد من السلف أنه قال : اللهم اجعل ثواب هذا الصوم لفلان لعجزت ، فإن القوم كانوا أحرص شيء على كتمان أعمال البر فلم يكونوا ليشهدوا على الله بإيصال ثوابها إلى أمواتهم (فإن قيل) فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرشدهم إلى الصوم والصدقة والحج دون القراءة (قيل) هو صلى الله عليه وآله وسلم لم يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم . فهذا سأله عن الحج عن ميته فأذن له ، وهذا سأله عن الصيام عنه فأذن له ، وهذا سأله عن الصدقة فأذن له . ولم يمنعهم مما سوى ذلك .
وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك ، وبين وصول ثواب القراءة والذكر ؟
والقائل : إن أحدا من السلف لم يفعل ذلك قائل ما لم علم له به ، وما يدريه أن السلف كانوا يفعلون ذلك ولا يشهدون من حضرهم عليه ؟ بل يكفي اطلاع علام الغيوب على نياتهم ومقاصدهم ، لا سيما والتلفظ بنية الإهداء لا يشترط كما تقدم (13)
وسر المسألة أن الثواب ملك للعامل ، فإذا تبرع به وأهداه لأخيه المسلم أوصله الله إليه ، فما الذي خص من هذا ثواب قراءة القرآن وحجر على العبد أن يوصله إلى أخيه ؟ وهذا عمل الناس حتى المنكرين في سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من العلماء . انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى .

ويستأنس لذلك بما ذكره الحافظ ابن كثير في كتابه البداية والنهاية في وفاة الشيخ ابن تيمية الحراني الحنبلي رحمه الله 135-140 الجزء الرابع عشر ، قال ما نصه :
( قال البرزالي : وفي ليلة الإثنين العشرين من ذي القعدة توفي الإمام العالم أبو العباس أحمد شيخنا العلامة -إلى أن قال- بقلعة دمشق بالقاعة التي كان محبوسا بها وحضر جمع كثير إلى القلعة وأذن لهم في الدخول عليه وجلس جماعة عنده قبل الغسل وقرؤوا القرآن وتبركوا برؤيته وتقبيله –إلى أن قال- وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كثير وتضرع وختمت له ختمات كثيرة بالصالحية وبالبلد ، وتردد الناس إلى قبره أياما كثيرة ليلا ونهارا ويبيتون عنده ويصبحون ورؤيت له منامات صالحة كثيرة ورثاه جماعة بقصائد جمة ) انتهى إيراد المقصود من البداية والنهاية .
وفي ترجمة الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي رحمه الله تعالى من سير أعلام النبلاء 21/380 : وباتوا عند قبره طوال شهر رمضان يختمون الختمات .
وفي (توضيح البيان لوصول ثواب القرآن) للعلامة السيد عبدالله بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى استيفاء لأدلة الفريقين ثم ترجيح مذهب القائلين بالوصول من وجود متعددة ، فعليك به فهو مطبوع .
ولعلامة مكة المكرمة الشيخ محمد العربي التباني السطيفي المكي المالكي رحمه الله تعالى رسالة مطبوعة باسم (اسعاف المسلمين والمسلمات بجواز القراءة ووصول ثوابها إلى الأموات)

اعتنى بهذه الرسالة محمود سعيد ممدوح عفي عنه

والحمد لله في البدء والختام

--- الحاشية ---
(1)            الإنصاف 2/565
(2)            وقال بعض الحنابلة : إنما المكروه البيتوتة عند أهل الميت وأن يجلس إليه من عزى مرة ، أو أن يستديم المعزي الجلوس زيادة كثيرة على قدر التعزية . انظر كشاف القناع 2/160
(3)            كراهة الجلوس للتعزية هو نص الشافعي وسائر الأصحاب ، وهو في الجلوس المجرد كما هو ظاهر عباراتهم ، أما ما نراه من جلوس المعزين لقراءة القرآن أو الاستماع إليه ، فلم نر من نص على كراهته ، بل الدليل يشير إلى ندبه
(4)            الأذكار للنووي
(5)            رد المحتار 1/603
(6)            الشرح الصغير 2/66 ، مواهب الجليل 2/230
(7)            الإنصاف 2/565
(8)            فتح الباري 3/131
(9)            الأذكار 198
(10)      الاعتصام 27
(11)     لكن سيأتي : وقال الزعفراني : سألت الشافعي عن القراءة عند القبر ، فقال : لا بأس بها .
(12)     انظر إلى أخلاق الإمام أحمد رحمه الله تعالى وسرعة رجوعه للحق .
(13)     وليحفظ المستفيد هذا الجواب من ابن القيم رحمه الله تعالى ، فأنت ترى الاستدلال بالترك وعدم الفعل من الصحابة والسلف من بعض الناس هو دليل من لا يعرف ما هو الدليل . ثم ترك الفعل –إن صح- فغايته جواز ترك الفعل فقط وبون كبير بين جواز ترك الفعل والنهي عنه ، وللعلامة المحقق السيد عبدالله بن الصديق الغماري رحمهالله تعالى رسالة "حسن التفهم والدرك لمسألة الترك" وهي من مطبوعات دائرة الأوقاف والشئون الإسلامية – دبي ، فعليك بها


Tidak ada komentar:

Posting Komentar